أول الأرقام العربية والهندية وأيهمها هي العربية

نبغ العرب في العديد من العلوم وطوروها، وأوجدوا العديد من العلوم لم تكن موجودة من قبل، وأوجدوا الأرقام، فالأرقام الإنجليزية المعروفة حالياً ما هي إلا أرقام عربية الأصل!

استخدم العرب قديماً طرقاً متنوعة للعد، لتيسير شؤون حياتهم ومعاملاتهم وضبط الزمان والمكان بالمقاييس البدائية، وكانت معظم الطرق متوارثة من العصور القديمة مثل الآراميين والفينيقيين والمصريين القدماء.

الفرق بين العدد والرقم

الأرقام ليست أعداداً وإنما هي أشكال تكتب بها رموز الأعداد، وإذا كانت الأعداد ليس لها آخر فإن الأرقام عددها عشرة وهي (0 1 2 3 4 5 6 7 8 9)
رمز العدد اثنان يتكون من رقم واحد من الأرقام العربية وهو 2، ورمز العدد خمسة وعشرون يتكون من رقمين من الأرقام العربية هما الرقم 5 والرقم 2، والأرقام العربية اسم يطلق على سلسلة الأرقام المستخدمة في العالم.

وكانت من الطرق الجديدة المستعملة للتعبير عن الترقيم عند العرب القدامى هي الخط المسند وحساب الجٌمَّل؛ وهو تسجيل الأرقام والتواريخ باستخدام حروف أبجدية، إذ يعطى كل حرف رقماً معيناً يدل عليه.(المصدر)

قصة الأرقام العربية

يرجع الكثير من المختصيين قصة الأرقام العربية إلى العصر العباسي وبالأخص الفتوحات الإسلامية في عصر الخلفاء العباسيين وفتحهم لبلاد الهند، وامتزاج الحضارة العربية بالثقافات الهندية في ذلك الوقت، حيث استخدم الهنود عدة طرق في الترقيم، ولكنهم لم يعتمدوا نظاماً موحداً للعد أو الحساب.
تمثال الخليفة أبو جعفر المنصور – بغداد
تعود قصة الأرقام العربية عند المسلمين إلى عام 154هـ \ 771م عندما وفد إلى بلاط الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور فلكي هندي، ومعه كتاب مشهور في الفلك والرياضيات هو سدهانتا لمؤلفه براهما جوبتا الذي وضعه في حوالي عام 6هـ \ 628م واستخدم فيه الأرقام التسعة.

وقد أمر الخليفة المنصور بترجمة الكتاب إلى اللغة العربية، وبأن يؤلف كتاب على نهجه يشرح للعرب سير الكواكب، وعهد بهذا العمل إلى الفلكي محمد بن إبراهيم الفزاري، الذي ألف على نهجه كتاباً أسماه السند هند الكبير واللفظة “سند هند” وتعني باللغة الهندية القديمة “الخلود”.

عبد الله محمد بن إبراهيم الفزاري
وقد أخذ العرب بهذا الكتاب حتى عصر الخليفة المأمون إلى أن جاء عام 198هـ \ 813م واستخدم الخوارزمي الأرقام الهندية في الأزياج الفلكية و هي قوانين لحساب حركات الكواكب وتعديلها للوقوف على مواضعها.

ثم نشر في عام 210هـ \ 825م رسالة تعرف في اللاتينية باسم Algoritmi de numero Indorum أو الخوارزمي عن الأرقام الهندية.

وما لبث لفظ Algoritmi أو الجورزم أن أصبح معناه في أوروبا في العصور الوسطى طريقة حسابية تقوم على النظام العشري.
محمد بن موسى الخوارزمي
وعرفت هذه الأرقام أيضاً بالأرقام الخوارزمية نسبة إلى الخوارزمي، ومن هذا الكتاب عرف المسلمون حساب الهنود، وأخذوا عنه نظام الترقيم، إذ وجدوه أفضل من حساب الجمل أو حساب أبجد المعمول به عندهم.

وكان لدى الهنود أشكال متعددة للأرقام، اختار علماء العرب في ذلك الوقت مجموعة من هذه الرموز ونظموها وهذبوها وكونوا منها أول نظام رقمي للعد والحساب في العالم.

كون العرب سلسلتين من هذه الأرقام:

1- الأرقام الشرقية ذات الأصل الهندي وهي تسعة أرقام ترسم بهذه الرموز (١ و٢ و٣ و٤ و٥ و٦ و٧ و٨ و٩) وقد حورها العرب من أشكال هندية عديدة.
2- الأرقام الغُبَارِيَّة وسميت بهذا الاسم لأنها كانت تُكتب في بادئ الأمر بالإصبع أو بقلم من البوص على لوحٍ أو منضدةٍ مغطاة بطبقة رقيقة من التراب.

وقد قام الخوارزمي بتصميم تلك الأرقام على أساس عدد الزوايا (الحادة أو القائمة) التي يضمها كل رقم.

فالرقم واحد يتضمن زاوية واحدة، ورقم اثنان يتضمن زاويتين ، والرقم ثلاثة يتضمن ثلاث زوايا – إلخ.

أما الاختراع العبقري الذي أضافه المسلمون هو الرقم صفر الذي كان شكله دائرة ليس فيها أي زاوية (عدد الزوايا صفر).
تصميم الخوارزمي للأرقام العربية والصفر
#وإذا قلنا بأن الأرقام المشرقية الحالية والأرقام الغبارية كلاهما من أصل هندي، فإن ذلك يرجع إلى تعدد أشكال الأرقام الهندية تبعا لمناطق بالهند كما لاحظ ذلك البِيروني، ولعل العرب اكتفوا من هذه الأشكال بصنفين فقط نتج عنهما الطريقتان المشرقية والغبارية وهما أول نظام رقمي يصلح لكتابة أي رقم، ويستخدم بسهولة في المعادلات الرياضية والجبر الحسابي الذي ابتكره الخوارزمي.

في بداية الأمر استعملت الأرقام الشرقية ذات الأصل الهندي في بغداد وبلاد المشرق العربي، وتم إضافة الصفر ويمثل بالرمز ( 0) وهو النقطة أو مركز الدائرة التي استخدمها الخوارزمي لتمثيل القيمة (لاشيء).

واستعملت الأرقام الغبارية في بلاد المغرب العربي ثم انتقلت بعد ذلك إلى الأندلس ثم الدول الأوروبية وتم التعديل عليها لتتوافق مع اللغة اللاتينية وظهرت الأرقام الغربية التي نعرفها الأن.

من العجيب أن الأوروبيين لم يتمكنوا من استعمال هذه الأرقام إلّا بعد انقضاء قرون عديدة من إطلاعهم عليها، أي أنه لم يعم استعمالها في أوروبا والعالم إلاّ في أواخر القرن السادس عشر للميلاد، والحقيقة أن هذا الانتقال لم يكن فجائياً، ولكنه استغرق قروناً طويلة.

قدم عدد من طلاب العلم الأوروبيين إلى الأندلس، خلال القرنين الحادي عشر والثاني عشر، لدراسة علوم العرب، ومن بين هؤلاء الطلاب، الطالبان الإنجليزيان Robert Chester و Athelard of Path

إذ ترجم كل منهما مؤلفات الخوارزمي، مما عمل على تعريف أوروبا بالأرقام العربية، أما صاحب أكبر انجاز في نشر الأرقام العربية، في أوروبا هو : Leonardo Febonacci – ليونارد فيبوناكي
ليونارد فيبوناكي ، صاحب كتاب – – Liber Arabic أو كتاب الحساب عام 1202م.
يلي ذلك ظهور كتاب – Algorismos – أي الحساب الخوارزمي لمؤلفه جون هاليناكس حوالي عام 1250م.

ومن الجدير بالذكر أن الأرقام الغبارية كانت تستخدم حتى عهد قريب في بلاد المغرب والجزائر إلى أن اعتمد العرب بعد ذلك نظام الأرقام الشرقية، حيث كتب بها معظم التراث العربي العلمي، كما أنها تحمل ثمة اللغة العربية من حيث اتجاهها من اليمين إلى اليسار.
وهذه محاضرة عن الأرقام العربية وما آلت إليه للأستاذ الدكتور: عبدالفتاح محمد حبيب


ويكفي العرب فخراً أن الأرقام العربية هي أساس كل العلوم الحاضرة، فعندما نظر الأوربيين للأرقام والعلوم والرقي والتطور الحضاري الذي نعَمتْ به الحضارة العربية في ذلك الوقت، فسروا ذلك بدجل جاء به السحرة، حيث ساد الظلام الفكري في حقبة العصور الوسطى، وعند النظر إلى واقعنا الآن قد حظنا من المال الكثير ومن العلم القليل، إننا نعيش تطبيق واقعي لمثل كلاسيكي مفاده “الجهل هو النعيم”.

إظهار التعليقات

aDMIn