كيف نفهم عبور عطارد أمام الشمس؟ وكيف نرصده؟

عطارد يظهر كبقعة دائرية سوداء صغيرة فوق قرص الشمس

مع اقتراب موعد عبور كوكب عطارد من أمام قرص الشمس، وانتشار صور الظاهرة الفلكية التي ستشهدها بلداننا العربية ومعظم بلدان العالم نهار الاثنين 11 نوفمبر/تشرين الثاني 2019؛ يظن بعض الناس أن عطارد هو ثقب أو حفرة في الشمس على شكل بئر سوداء عميقة تخترق سطح الشمس.
لكن الحقيقة أنها ظاهرة فلكية طبيعية لعبور كوكب عطارد، الذي يدور هو وكوكب الزهرة في مدارين داخليين بين الأرض والشمس، مما يسمح لهما في مناسبات معينة تدعى "الاقتران الداخلي" بأن يعبرا من أمام قرص الشمس، فيظهران في شكل بقعتين سوداوين إذا قورنا بوهج الشمس الساطع من حولهما.
وسيستمر عبور عطارد الحالي مدة تتراوح بين ساعة واحدة في بلدان الوطن العربي الشرقية وحتى خمس ساعات ونصف الساعة في أميركا الجنوبية، حيث ذروة الحدث.

ما العبور؟

يمكن القول إن العبور ظاهرة تشبه تماما كسوف الشمس حين يعبر القمر أمام قرصها؛ فيحجب عنا جزءا منها أو يحجبها كلها. فالكسوف في أصله عبور، لكنه خاص بالقمر، في حين اختص مصطلح العبور بمرور كوكبي عطارد والزهرة أمام قرص الشمس، أو حتى مرور جرم سماوي أو مركبة فضاء.

ويحدث عبور عطارد 13 مرة كل مئة سنة، كان آخرها عام 2006، وستكون المرة المقبلة عام 2032، أي بعد 13 سنة من اليوم، في حين أنه يحدث للزهرة مرتين كل 121.5 سنة، وكان آخرها عام 2012، وسيكون العبور التالي عام 2117.

الصورة تظهر الفرق بين البقعة السوداء التي يبدو عليها كوكب عطارد والبقع الشمسية الأخرى

بقعة عطارد وقرص الشمس

يحتل قرص الشمس الظاهري من السماء ما قطره نحو نصف درجة من أصل 360 درجة من دائرة القبة السماوية الكاملة، أو ما يعادل 1937 ثانية قوسية يوم العبور، والثانية القوسية هي جزء من 3600 جزء من الدرجة، والدقيقة القوسية تعدل ستين ثانية قوسية، وسميت قوسية لأنها جزء من قوس الدائرة ذات 360 درجة.
في يوم العبور، وبسبب اختلاف موقع الأرض من الشمس من ناحية وموقعها بالنسبة لكوكب عطارد من ناحية أخرى (بسبب مداري الأرض وعطارد البيضويين، حين يقتربان من الشمس تارة ويبتعدان عنها تارة أخرى)، فإن قطر قرص كوكب عطارد سيبلغ يومها عشر ثوان قوسية، أي سدس الدقيقة القوسية.
وهذا القطر يعدل نحو 1/194 من قطر قرص الشمس الظاهري يومئذ، وهو قطر ضئيل جدا لا يمكن رؤيته بالعين المجردة التي تنظر إلى الشمس من وراء الفلاتر. وللمقارنة، فإن قطر الشمس يكبر الأرض على وجه الحقيقة بـ109 مرات، ويكبر الزهرة بـ115 مرة، ويكبر عطارد بـ285 مرة.

كيف نرصد العبور؟

من المعلوم بالضرورة أن النظر إلى قرص الشمس غير ممكن بالعين المجردة في أي وقت من أوقات النهار، عدا بعض لحظات غروب الشمس فقط، ففي ذلك خطر عظيم وضرر أكيد على العين، ولذلك وجدت وسائل آمنة يمكن الاستعانة بها تقي من ذلك الضرر الناجم عن شدة إضاءة الشمس الساقطة على العين.

علماً بأن النظر بالعين المجردة إلى الشمس في هذه المناسبة خاصة لن يكون ذا جدوى تذكر أبدا حتى وقت غروب الشمس حين تهدأ أشعتها تمامًا؛ فالعين المجردة لا تستطيع تمييز كوكب عطارد أمام الشمس لتناهي صغره، والطريقة الوحيدة هي استخدام العدسات المكبرة مثل المنظار (الدربيل) أو التلسكوب. واستخدام هذه الأدوات هنا يكون بإحدى طريقتين هما:

الطريقة الأولى: النظر المباشر إلى الشمس من خلال التلسكوب/الدربيل بعد وضع مرشح (فلتر) للشمس أمام العدسة الشيئية، حتى تدخل أشعة الشمس نقية وصافية دون حرارة وشعاع قوي.

الطريقة الثانية: وهي إسقاط صورة الشمس عبر التلسكوب/الدربيل على قطعة كرتون أبيض، حيث سيظهر قرص الشمس جليا واضحا، وسيظهر عليه كوكب عطارد بقعة دائرية، وستظهر البقع الشمسية إن وجدت وأي جرم يعبر أمام الشمس في تلك اللحظة كطائرة أو نحوه.


إظهار التعليقات

aDMIn