مقال | صُدمت تماماً بما رأيت


صورةٌ ينفطر لها القلب.. وتهديدٌ معقّد.. واحتجاجُ عالمي.. ولكنْ ما كان ينبغي لناشيونال جيوغرافيك أن تلقي باللائمة على التغيّر المناخي بشكل قاطع لنفوق الدب.
التغيّــر المناخي يقتل ببطء وبالوكالة: بالحرائق والقحط والبرد والجوع. ومن النادر أن تكون العلاقة بين نفوق حيوانٍ ما والتغيّر المناخي واضحة.. حتى عندما يكون الحيوان على هذا القدر من الهزال الظاهر على هذا الدب القطبي (في الصورة إلى اليسار).
وقد أخذنا على عاتقَينا -أنا والمصوّر بول نيكلين- التقاط صورٍ تعبّر عن خطورة التغيّر المناخي. ولكن توثيق أثره في الحيوانات البرية لم يكن سهلاً قط. اعتقدنا أننا قد وجدنا في صورة الدب هذه طريقة لمساعدة الناس على تَصَوُّر كيف سيبدو مستقبل التغيّر المناخي. ولكن اعتقادنا ذاك ربما كان ساذجاً؛ فالصورة وإن انتشرت عبر الإنترنت انتشار النار في الهشيم، إلا إنها فُهمت فهماً سطحياً.
رأى بول هذا الدب القطبي عام 2017 خلال رحلة استطلاعية إلى خليج صغير معزول في «جزيرة سومرسيت» الكندية الواقعة ضمن المنطقة القطبية الشمالية. عندها طلب إليَ على الفور حشد أعضاء فريقنا المسمَّى «سي سوات» (SeaSwat) التابع لمنظمتنا، «سي ليغاسي» (SeaLegacy) التي أنشأناها عام 2014 . وتستعمل «سي ليغاسي» الصورَ الفوتوغرافية وسيلةً لنشر الدعوة إلى حفظ المحيطات. أما الفريق فيتكون من «رواة قصص» ينتشرون في بقاع الكوكب لنقل تفاصيل القضايا الملحّة. وقد طار فريقنا بعد يوم على طلب بول نيكلين إلى قريةٍ لشعب «الإنويت» تقع على «خليج ريزوليوت». لم يكن هناك ما يضمن بأننا سنعثر على الدب مجدداً أو أنه سيكون على قيد الحياة.
وصلنا إلى ذلك الخليج الصغير على متن مركب تبرّعت به إلينا إحدى الجهات. عندها رحتُ ألقي نظرة عامة فاحصة إلى الشاطئ بمنظاري، فلم أرَ سوى بضع بنايات خربة، وبضع أسطوانات وقود، ومشهداً مقفراً جداً في ما كان يبدو كأنه معسكر مهجور لصيد السمك. لم نتمكّن من العثور على الدب. ولم نره أخيراً إلا عندما رفع رأسه وهو مستلقٍ على الأرض كأنَّ لا حياة فيه مثل بساط مهمل. واستناداً إلى شكل جسمه، فقد بدا أنه ذكر ضخم.
كان لا بد لنا من الاقتراب أكثر، فركبنا في زورق مطاطي مزوّد بمحرّك وانطلقنا به نحو اليابسة. أما ضجيجنا ورائحتنا فقد حجبتهما الرياح العاتية. وقد راقبنا الدب من تحت سقف إحدى الأبنية الفارغة.
لم يحرّك ساكناً على مرّ ساعة تقريباً. ولكنْ عندما نهض أخيراً، صُدمتُ تماماً بما رأيت.. ففراء الدب الذي كان في ما مضى أبيض اللون أصبح متسخاً وتساقط بعض شعره؛ أما هيأته التي كانت قوية، فقد استحالت جلداً وعظاماً. وأما خطاه، فكانت كل واحدة منها بطيئة مقرونةً بالألم. اتضح لنا أنه مريض أو مصاب، وأنه كان يتضوّر جوعاً.. وأنه كان على الأرجح يعيش أيامه الأخيرة.

بقلم: كريستينا ميترماير
عدسة: Cristina Mittermeier‭‬

إظهار التعليقات

aDMIn